فصل: اللغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة البقرة: الآيات 152- 154]:

{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (152) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ (154)}.

.الإعراب:

{فَاذْكُرُونِي} الفاء هي الفصيحة أي إذا شئتم الاهتداء إلى محجّة الصواب فاذكروني، واذكروني: فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والنون للوقاية والياء مفعول به {أَذْكُرْكُمْ} فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا والكاف مفعول به {وَاشْكُرُوا} عطف على اذكروني، وشكر يتعدى بنفسه تارة وتارة بحرف الجر على حد سواء {لِي} جار ومجرور متعلقان باشكروا {وَلا} الواو حرف عطف ولا ناهية {تَكْفُرُونِ} فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل والنون للوقاية والياء المحذوفة لمناسبة فواصل الآي مفعول به والكسرة دليل عليها {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} تقدم إعرابها كثيرا {اسْتَعِينُوا} فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل {بِالصَّبْرِ} الجار والمجرور متعلقان باستعينوا {وَالصَّلاةِ} عطف على الصبر {إِنَّ اللَّهَ} إن واسمها {مَعَ الصَّابِرِينَ} مع ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر والصابرين مضاف اليه.
وجملة: {إِنَّ} وما في حيزها اسمية لا محل لها لأنها تعليلية {وَلا تَقُولُوا} الواو عاطفة على ما تقدم ولا ناهية وتقولوا فعل مضارع مجزوم بلا {لِمَنْ} الجار والمجرور متعلقان بتقولوا وجملة {يُقْتَلُ} صلة الموصول لا محل لها {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الجار والمجرور متعلقان بيقتل {أَمْواتٌ} خبر لمبتدأ محذوف أي هم أموات والجملة الاسمية مقول القول: {بَلْ} حرف إضراب وعطف {أَحْياءٌ} خبر لمبتدأ محذوف والجملة معطوفة على جملة هم أموات {وَلكِنْ} الواو حالية ولكن مخففة من الثقيلة فهي لمجرد الاستدراك {لا} نافية {تَشْعُرُونَ} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الافعال الخمسة والجملة نصب على الحال.

.البلاغة:

1- الإيجاز في الآية الاخيرة وهو إيجاز الحذف فقد حذف المبتدأ لأهمية ذكر الخبر لأنهم ما كانوا يتصورون أنهم أحياء ففند سبحانه هذه البدائية العجيلة تصويرا رشيقا.
2- الطباق بين أموات وأحياء في الآية هو طباق رشيق لا تكلف فيه.

.[سورة البقرة: الآيات 155- 157]:

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشيء مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ (156) أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}.

.اللغة:

البلاء: الاختبار والامتحان.

.الإعراب:

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} الواو استئنافية واللام موطّئة للقسم ونبلونّ فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل مستتر وجوبا تقديره نحن والكاف مفعول به {بِشَيْءٍ} الجار والمجرور متعلقان بنبلونكم {مِنَ الْخَوْفِ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لشيء، وجملة نبلونكم لا محل لها لأنها جواب قسم محذوف وطّأت له اللام وقد اقترنت بنون التوكيد الثقيلة لأنه مضارع مثبت مستقبل متصل بلامه {وَالْجُوعِ} عطف على الخوف {وَنَقْصٍ} عطف أيضا {مِنَ الْأَمْوالِ} الجار والمجرور متعلقان بنقص لأنه مصدر نقص، أو بمحذوف صفة لنقص لأنه نكرة {وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ} معطوفان على الأموال وجملة القسم وجوابه مستأنفة مسوقة لاختبار أحوالهم ومدى صبرهم على البلاء واستسلامهم للقضاء بشيء من الخوف والجوع {وَبَشِّرِ} الواو عاطفة وبشر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت {الصَّابِرِينَ} مفعول به وجملة: {بَشِّرِ} معطوفة على ولنبلونكم ولا تقل إنه فعل طلبي فكلاهما مضمونه طلبي، فهو من باب عطف المضمون على المضمون، أي أن الابتلاء حاصل وقت البلاء ووقت البشارة {الَّذِينَ} صفة للصابرين {إِذا} ظرف لما يستقبل من الزمن متعلق بجوابه وهو قالوا {أَصابَتْهُمْ} الجملة في محل جر بالإضافة {مُصِيبَةٌ} فاعل وجملة الشرط وجوابه لا محل لها لأنها صلة الموصول {قالُوا} الجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم {إِنَّا} إن واسمها {لِلَّهِ} الجار والمجرور متعلقان براجعون {وَإِنَّا إِلَيْهِ} عطف على جملة إنا للّه {راجِعُونَ} خبر إن {أُولئِكَ} اسم الاشارة مبتدأ {عَلَيْهِمْ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم {صَلَواتٌ} مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية خبر اسم الاشارة {مِنْ رَبِّهِمْ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لصلوات {وَرَحْمَةٌ} عطف على صلوات وجملة الإشارة وما بعدها مستأنفة مسوقة لبيان ما بشروا به {وَأُولئِكَ} الواو عاطفة وأولئك مبتدأ {هُمُ} مبتدأ ثان أو ضمير فصل لا محل له {الْمُهْتَدُونَ} خبر {هم} أو خبر أولئك والجملة خبر أولئك.

.[سورة البقرة: آية 158]:

{إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (158)}.

.اللغة:

{الصَّفا} جبل بمكة، وأصل معنى الصفا أنه جمع صفاة أي الصخرة الملساء. وألفها منقلبة عن واو {الْمَرْوَةَ} جبل بمكة أيضا.
وأصل معنى المروة الحجارة الرخوة وقيل: التي فيها صلابة.
قال أبو ذؤيب:
حتى كأنّي للحوادث مروة ** بصفا المشقّر كلّ يوم تقرع

الشعائر: جمع شعيرة وهي العلامة.
{حَجَّ} قصد.
{اعْتَمَرَ} زار البيت المعظم على الوجه المشروع.
ثم صار الحج والعمرة علمين لقصد البيت وزيارته.
{لا جناح} الجناح: الميل إلى المأثم، ثم أطلق على الإثم، يقال: جنح إلى الشيء أي مال اليه، ومنه جنح الليل أي ميله بظلمته، وجنح الطائر وجناحه.

.الإعراب:

{إِنَّ الصَّفا} إن واسمها {وَالْمَرْوَةَ} عطف على الصفا {مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر إن والجملة ابتدائية لا محل لها {فَمَنْ} الفاء استئنافية ومن اسم شرط جازم مبتدأ {حَجَّ الْبَيْتَ} حج فعل ماض في محل جزم فعل الشرط وفاعله مستتر يعود على من والبيت مفعول به {أَوِ اعْتَمَرَ} أو حرف عطف واعتمر فعل ماض معطوف على حج {فَلا جُناحَ} الفاء رابطة لجواب الشرط لأنه جملة اسمية ولا نافية للجنس وجناح اسمها المبني على الفتح {عَلَيْهِ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لا {أَنْ يَطَّوَّفَ} أن المصدرية وما في حيزها في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض أي في أن يطوف {بِهِما} الجار والمجرور متعلقان بيطوف.
وجملة: {فلا جناح عليه} في محل جزم جواب الشرط وجملة فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر من {وَمَنْ تَطَوَّعَ} الواو عاطفة ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ وتطوع فعل ماض في محل جزم فعل الشرط وفاعله مستتر تقديره هو {خَيْرًا} صفة لمصدر محذوف فهو مفعول مطلق أي يتطوع تطوعا خيرا. ولك أن تعربه منصوبا بنزع الخافض أي بخير، واختار سيبويه أن يعرب حالا من المصدر المقدر معرفة، ولو لم يكن سيبويه قائله لخطّأته {فَإِنَّ اللَّهَ} الفاء رابطة لجواب الشرط وإن واسمها {شاكِرٌ عَلِيمٌ} خبر إن لإن وجملة: {فَإِنَّ اللّهَ} في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر من.

.[سورة البقرة: الآيات 159- 160]:

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)}.

.الإعراب:

{إِنَّ الَّذِينَ} إن واسمها {يَكْتُمُونَ} فعل مضارع مرفوع والواو فاعل، والجملة الفعلية لا محل لها لأنها صلة الموصول، وجملة إن وما في حيّزها مستأنفة مسوقة لبيان حكم من كتم شيئا من أحكام الدين بصورة عامة، وقد نزلت في حقّ اليهود الذين يجمجمون حبا للجدل والمكابرة، وخصوص السبب لا يمنع من عموم الحكم {ما} مفعول يكتمون {أَنْزَلْنا} فعل وفاعل والعائد محذوف أي أنزلناه، والجملة لا محل لها لأنها صلة الموصول {مِنَ الْبَيِّناتِ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال، أي حالة كونها مبينة شاهدة بالحقائق. وقد ألمعت الآية إلى محاولة اليهود إخفاء بعض الآيات الدّالة على نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم أو التي تصوّر عيوبهم وآثامهم التي يرتكبونها {وَالْهُدى} عطف على البينات {مِنْ بَعْدِ} الجار والمجرور متعلقان بيكتمون {ما بَيَّنَّاهُ} ما مصدرية وبيناه فعل وفاعل ومفعول. والمصدر المؤول في محل جر بالإضافة أي من بعد تبيانه {لِلنَّاسِ} الجار والمجرور متعلقان ببيناه {فِي الْكِتابِ} الجار والمجرور متعلقان ببيناه أيضا. وتعلق جار بفعل واحد عند اختلاف المعنى واللفظ جائز.
ولك أن تعلق {في الكتاب} بمحذوف حال من المفعول به أي كائنا في الكتاب {أُولئِكَ} اسم الاشارة مبتدأ {يَلْعَنُهُمُ} فعل مضارع والهاء مفعوله {اللَّهُ} فاعله والجملة الفعلية خبر اسم الاشارة {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} عطف على الجملة السابقة، وجملة الإشارة الاسمية في محل رفع خبر إن {إِلَّا} أداة استثناء {الَّذِينَ} مستثنى من المفعول به أي الهاء في يلعنهم {تابُوا} فعل وفاعل والجملة لا محل لها لأنها صلة {وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} عطف على تابوا {فَأُولئِكَ} الفاء رابطة، لأن في الموصول رائحة الشرط، واسم الاشارة مبتدأ {أَتُوبُ} فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره أنا، وجملة: {أتوب} خبر اسم الاشارة وجملة الاشارة استئنافية {عَلَيْهِمْ} متعلقان بأتوب {وَأَنَا} الواو عاطفة وأنا مبتدأ {التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} خبر إن لأنا والجملة معطوفة.

.البلاغة:

1- التكرير في ذكر اللعن، والغاية منه التأكيد في الذم.
2- الالتفات في قوله: {يلعنهم اللّه} وكان السياق يقتضي بأن يقول نلعنهم، ولكنه التفت إلى الغائب للدلالة على إظهار السخط عليهم، وليكون الكلام أوغل في إنزال اللعن عليهم، وإلحاق الطرد بهم.

.[سورة البقرة: الآيات 161- 163]:

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (162) وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (163)}.

.الإعراب:

{إِنَّ الَّذِينَ} إن واسمها {كَفَرُوا} فعل وفاعل والجملة صلة الموصول لا محل لها {وَماتُوا} الواو عاطفة، وجملة: {ماتوا} عطف على جملة كفروا {وَهُمْ} الواو حالية وهم مبتدأ {كُفَّارٌ} خبر {هم} والجملة في محل نصب على الحال {أُولئِكَ} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ {عَلَيْهِمْ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم {لَعْنَةُ اللَّهِ} مبتدأ مؤخر {وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ} عطف على اللّه، والجملة الاسمية خبر أولئك وجملة: {أولئك} وما في حيزها خبر إن وجملة إن وما في حيزها مستأنفة مسوقة لبيان مصير القسم الثاني من الكاتبين، وقد بيّن مصير من تاب في الاستثناء {أَجْمَعِينَ} تأكيد {خالِدِينَ} حال من الضمير في عليهم {فِيها} الجار والمجرور متعلقان بخالدين، والضمير يعود على النار التي أضمرت للتخويف والتهويل. ويجوز أن يعود على اللعنة مجازا، والعلاقة المحلية {لا يُخَفَّفُ} لا نافية ويخفف فعل مضارع مبني للمجهول {عَنْهُمُ} جار ومجرور متعلقان بيخفف {الْعَذابُ} نائب فاعل، والجملة الفعلية في محل نصب حال ثانية للذين كفروا من الضمير المستكنّ في خالدين فهي حال متداخلة {وَلا} الواو عاطفة ولا نافية {هُمْ} مبتدأ {يُنْظَرُونَ} فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل، أي لا يمهلون ولا يؤجلون، والجملة الفعلية خبر {هم} والجملة الاسمية عطف على جملة لا يخفف {وَإِلهُكُمْ} الواو استئنافية وما بعدها جملة مستأنفة لا محل لها مسوقة للرد على كفار قريش الذين قالوا: يا محمد صف لنا ربك، وإلهكم مبتدأ {إِلهٌ} خبر {واحِدٌ} صفة لإله {لا} نافية للجنس {إِلهٌ} اسمها مبني على الفتح في محل نصب {إِلَّا} أداة حصر {هُوَ} بدل من محل لا واسمها لأن محلها الرفع على الابتداء، أو بدل من الضمير المستكنّ في الخبر المحذوف. وسيأتي مزيد من أقوال النحاة والمفسرين في إعراب كلمة الشهادة ترويضا للذهن {الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ} خبر إن لمبتدأ محذوف تقديره هو.

.الفوائد:

خاض علماء النحو والمفسرون كثيرا في اعراب لا إله إلا اللّه وهي كلمة الشهادة واتفقوا على أن خبر لا محذوف أي لنا، أو في الوجود، أو نحو ذلك. وسنورد لك خلاصة مفيدة لما قالوه لأهميته:
الزمخشري:
صنف جزءا لطيفا في إعراب كلمة الشهادة، فبعد أن أورد ما اتفقوا عليه من حذف خبر لا قال: هكذا قالوا، والصواب أنه كلام تام ولا حذف، وأن الأصل: اللّه إله مبتدأ وخبر، كما تقول: زيد منطلق، ثم جيء بأداة الحصر وقدّم الخبر على الاسم وركب مع لا كما ركب المبتدأ معها في نحو لا رجل في الدار، ويكون اللّه مبتدأ مؤخرا ووإله خبرا مقدما، وعلى هذا تخريج نظائره نحو: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا عليّ.
الزمخشري أيضا:
وقال الزمخشري في المفصّل بصدد كلامه عن خبر لا النافية للجنس: وقد يحذفه الحجازيون كثيرا فيقولون: لا أهل ولا مال ولا بأس ولا فتى إلا عليّ ولا سيف إلا ذو الفقار، ومنه كلمة الشهادة، ومعناها: لا إله في الوجود إلا اللّه، وبنو تميم لا يثبتونه في كلامهم أصلا.
ابن يعيش:
وقال شارح المفصّل موفق الدين بن يعيش: اعلم أنهم يحذفون خبر لا من: لا رجل ولا غلام ولا حول ولا قوة وفي كلمة الشهادة نحو: لا إله إلا اللّه، والمعنى: لا رجل ولا غلام ولا حول ولا قوة لنا، وكذلك لا إله في الوجود إلّا اللّه، ولا أهل لك ولا مال لك ولا بأس عليك، ولا فتى في الوجود إلا عليّ ولا سيف في الوجود إلا ذو الفقار، فالخبر الجار مع المجرور وهو محذوف، ولا يصح أن يكون الخبر اللّه في قولك: لا إله إلا اللّه، وذلك لأمرين:
آ- أنه معرفة ولا لا تعمل في معرفة.
ب- أن اسم لا هنا عام وقولك إلا اللّه خاص، والخاص لا يكون خبرا عن العام.
ونظيره: الحيوان إنسان، فإنه ممتنع لأن في الحيوان ما ليس بانسان، وقولك: الإنسان حيوان، جائز لأن الإنسان حيوان حقيقة وليس في الإنسان ما ليس بحيوان، ويجوز اظهار الخبر نحو:
لا رجل أفضل منك ولا أحد خير منك، هذا مذهب أهل الحجاز وأما بنو تميم فلا يجيزون تقديم خبر لا البتة ويقولون: هو من الأصول المرفوضة، ويتأوّلون ما ورد من ذلك، فيقولون في قولهم:
لا رجل أفضل منك: إن أفضل نعت لرجل على الموضع، وكذلك خير منك نعت لأحد على الموضع.
البدر الدماميني:
وتعقّب البدر الدّماميني الزّمخشريّ في حاشيته على المغني فقال: ولا يخفى ضعف هذا القول، يعني قول الزمخشري، وانه يلزم منه أن الخبر يبنى مع لا، ولا يبنى معها إلا المبتدأ. ثم لو كان كذلك لم يجز نصب الاسم العظيم وقد جوزوه.
الصلاح الصفدي:
وأورد الصلاح الصفديّ في الغيث المسجم بحثا طريفا قال فيه: ومن حذف الخبر قولك: لا إله إلا اللّه، فإله اسمها والخبر محذوف قدّره النحاة في الوجود أو لنا، هكذا أعربوه.
الرازي:
وأورد الامام فخر الدين الرازي إشكالا على إعراب الصفدي فقال: هذا النفي عام متفرّق وتقييده بالوجود تخصيص له، ولنا أكثر تخصيصا. وإذا كان كذلك لم يبق النفي عاما، وحينئذ لا يكون هذا القول إقرارا بالوحدانية على الإطلاق.
الصلاح الصفدي أيضا:
وأجاب الصلاح الصفدي بقوله إنّا لا نسلّم تقييده بالوجود إذا كان تخصيصا لا يبقى على العموم المراد من النفي، لأن المراد نفي الآلهة في الخارج إلا اللّه تعالى، على معنى أن نفي وجودها مستلزم لنفي ذاتها، كأنه قال: لا إله يوجد إلا اللّه. وعلى هذا يبقى النفي عاما بالمعنى المراد منه.
السّمين:
وقال الشهاب الحلبي المعروف بالسمين: قوله: إلا هو رفع على أنه بدل من اسم لا على المحل، إذ محله الرفع على الابتداء أو هو بدل من لا وما عملت فيه، لأنها وما بعدها في محل رفع بالابتداء.
أبو حيّان:
ومضى السمين يقول: واستشكل أبو حيّان كونه بدلا من إله، لأنه لا يمكن تكرير العامل، لا تقول: لا رجل إلا زيد والذي يظهر لي أنه ليس بدلا من إله، ولا من رجل في قولك لا رجل إلا زيد، إنما هو بدل من الضمير المستكنّ في الخبر المحذوف. فإذا قلنا:
لا رجل إلا زيد، والتقدير لا رجل كائن أو موجود إلا زيد. فزيد بدل من الضمير المستكن في الخبر لا من رجل، وليس بدلا من موضع اسم لا، وإنما هو بدل مرفوع من ضمير مرفوع، تقدير ذلك الضمير هو عائد على اسم لا.
ابن هشام:
وقال ابن هشام: وقول بعضهم في لا إله إلا اللّه: إن اسم اللّه سبحانه خبر لا التبرئة أي النافية للجنس يردّه أنها لا تعمل إلا في نكرة منفية، واسم اللّه تعالى معرفة موجبة، نعم يصح أن يقال: إنه خبر للا مع اسمها فانهما في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه.
ثم أطال ابن هشام في الرد على الزمخشري مما لا يتسع له صدر هذا الكتاب.
الشيخ مصطفى الغلاييني:
وقال الشيخ مصطفى الغلاييني من أدباء بيروت المحدثين:
قوله تعالى: {لا إله إلا اللّه} أي: لا إله موجود، واللّه إما بدل من الضمير المستتر في الخبر المحذوف، وإما بدل من محل لا واسمها.
ويجوز في غير الآية نصبه على الاستثناء.